بائعة «الفصفص»… سمراء ساخرة من أساطير «كفاح الأثرياء» !

جدة – فواز المالحي

تقابل «البائعة الإفريقية» التي قضت 20 عاماً تكدح في بيع «الفصفص» صباحاً وتعمل مساء في جمع الخرداوات ، باستغراب أقرب إلى السخرية، قصص الكفاح التي يسوقها «منظرون» لمحضوضين خرجوا من بين جمع العلب المعدنية وأكوام الخرداوات إلى عالم الثراء.

تتساءل بلكنة «مكسرة» عن أساطير من باعوا الماء وحملوا على ظهورهم الأمتعة عشرات السنين، وأنتجت لهم حياة مخملية في حاضرهم، ولماذا لايدركها قطار أولئك الأثرياء الذين كانوا زملاءها في المهنة؟
يعتقد «المنظرون» أنهم سيقضون على البطالة عندما يسوقون الكفاح، بناء على نتائج مرضية أتت مصادفة مع بعض الحالات الشاذة، التي سرعان ما تصطدم بالواقع، وتمضي في طريق نهايتها المتوقعة مسبقاً، هشيماً تذروه الرياح.
هل يعقل أن مهناً صغيرة كبيع الفصفص وجمع الخرداوات تصنع رجلاً ثرياً أو أدنى الاحتمال مستقبلاً مشرقاً له؟ هذا ما أنهك به المنظرون الباحثين عن العمل، عبر إرشادهم بتلك الخطى المشكوك في أمرها، لكن الإجابة عن أية ليست عند بائعة الفصفص بالتأكيد.
ولن تدرك غضب تلك السيدة ذات البشرة السمراء التي صرخت عند سؤالها عن مستوى الربح قائلة «لا فائدة كله ما يجيب فلوس»، واصفة حالها وعدم جدوى ما تقوم به من بيع ما تحمله بسطتها المتواضعة.
إلى جانب البائعة الإفريقية هناك نماذج لشبان سعوديين باحثين عن عمل لاقتهم «الحياة»، ممن قرروا تجربة حكايات الثراء ذات البدايات البائسة، علها تصدق معهم فيكونون مضرباً للأمثلة لاحقاً، إلا أن نهايتهم لم تكن أحسن حالاً من بائعة الفصفص إن لم تكن أسوأ.
يقول أحد الشبان إنه باع البطيخ ثلاثة أعوام ولم يجد غير العناء ربحاً، فضلاً عن الاستقرار الذي يحلم به ليأنس حياته بالسكنى والزواج، فيما زعم آخر أن تلك القصص «لا تحترم عقول شباب الوقت الحاضر والواقع المؤلم الذي يعيشونه بين طيات الأعوام من الكفاح في سوق العمل».
ويؤكد أنه عمل في عدد من الفنادق وكبائن الاتصالات سابقاً، وتجول في رحلة عمل «بانورامية» فلم يجد ما يبحث عنه من حياة كريمة تحفظ له حق العيش إلى جوار زوجته وأبنائه، فضلاً عن الطمع في حياة مترفة.
ولا تختلف بنات حواء عن ذلك كثيراً، إذ أجابت إحداهن على مستقبل العمل كعاملات منزليات قائلة: «ذلك عمل شريف ولكنه لا يحفظ لنا كرامتنا وإنسانيتنا»، واصفة بعض سيدات المنازل بأنهن «يعشقن السلطة والتوجيهات التي تخرج ألفاظها عن حدود الكرامة وحفظ ماء الوجه».
وتؤكد الشابة منى أنها تعاني من طوابير وبطء الخدمات في قطاعات المصارف وبعض الدوائر الحكومية لشح الموظفات، مقترحة أن تجبر وزارة العمل البعض على استحداث ساعات عمل مسائية بكوادر مستعارة أو متعاقدة مع تلك المنشآت ليحصل المواطن أولاً على خدمة سريعة ويسد بذلك حاجة اليد الباحثة عن العمل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *